.دمجوا الطاعة المنفصلة مع الطاعة المتصلة فاعتبروها واحدة ١) محمد الرجل ٢) محمد النبي الخاتم ٣) محمد الرسول.

Publié le par just muslim

محمد شحرور فقرة من كتاب الدولة و المجتمع ص١٥٥
الحياة التي عاشها النبي الكريم، بجميع ما فيها من أعمال، و بكل ما فيها من حركة يومية، طفلاً و فتى وشاباً و رجلاً و كهلاً، تاجراً ونبياً و هادياً و رسولاً و محارباً و مهاجراً، عازباً ومتزوجاً، تمثل في وجوه ثلاثة، حددها بكل وضوح قوله تعالى
{ مَّا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِّن رِّجَالِكُمْ وَلَٰكِن رَّسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ ۗ وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا }الأحزاب ٤٠ فالآية تقول إن ثمة ثلاثة مقامات لمحمد(ص): ١) محمد الرجل
٢) محمد النبي الخاتم ٣) محمد الرسول. أما أعماله وأقواله(ص) من مقام الرجل ،فغيّر ملزمة لأحد، وهي تشمل علاقته الزوجية و الأسرية، وأمور طعامه و شرابه و لباسه، و أمور معاشه و غدوه ورواحه ، وحزنه و فرحه.
وأما أعماله و أقواله (ص) من مقام النبي ، فطاعتها غير ملزمة ، ذلك لأن كل آيات الطاعة انحصرت بمحمد الرسول ، لكن يجب الانتباه بدقة إلى النبوة علوم، بمعنى أن النبي، من حيث أنه نبي، يعرف تماماً أن بنية الدولة تتبع التطور العلمي للإنسان من جهة، و التطور الاقتصادي الإنتاجي و الثقافي لدى الجماعات من جهة إخرى، مما يوجب معه تطور أنماط الادارة و السياسة و العلاقات الاجتماعية. ولهذا، و من حيث أنه نبي، فقد ترك ذلك دون تأطير و تحديد، وفقاً للعمود الفقري لنبوته المتمثل بالتوحيد، فكل شيء متغير إلا الله ،و كل شيء نسبي إلا الله، وكل شيء هالك إلا وجه الله . و لو أنه حدد شكل الدولة البنيوي لخالف أسس نبوته بنفسه (حاشاه)........ ( وأن أمرهم شورى بينهم ) من أساسيات العقيدة الاسلامية ، ضمن مقولة ( كل شيء هالك إلا وجه الله )، واقتصر في تأكيده على الحدود و العبادات التي تصلح لكل النبى التارخية ، وترك مابقي مفتوحاً !!
نأتي إلى المقام الثالث الأخير ،و هو مقام محمد الرسول(ص). و نقف هنا أمام الطاعة الواجبة بشقيها المتصل و المنفصل، أي طاعته في حياته ، و طاعته في حياته وبعد مماته، و يتمثل ذلك في الحدود والعبادات، لكن المسلمين ، بكل مرارة وأسف فعلوا مالم يفعله (ص) و حددوا مالم يحدده، و أطروا مالم يؤطروه :
١ - دمجوا الطاعة المنفصلة مع الطاعة المتصلة فاعتبروها واحدة، و سحبوا طاعة الرسول في حياته، على طاعته بعد مماته.
٢ - أطلقوا مفهوم الطاعة و عمموه على جميع مقاله الرسول و فعله في مقاماته الثلاثة رجلاً و نبياً و رسولاً.
٣ - دونوا الحديث النبوى و السنة النبوية، بعد أن أمر النبي (ص) صراحة بعدم تدوينه، واعتبروا الحديث أساساً ثابتا لا يتغير في التشريع، فأعطوه بذلك صفة البقاء المطلق، و هي من أسماء الله الحسنى وكلماته حصراً. متكئين في هذا كله على ( إن هو إلا وحي يوحى ) و على ( أطيعوا الله و أطيعوا الرسول) و على ( من يطع الرسول فقد أطاع الله ) دون تدبير، و دون تميز بين المقامات الثلاثة التي نصت عليها الآية ٤٠ من سورة الأحزاب .
٤ - جعلوا من الأنماط الإدارية و الاقتصادية السائدة في القرن السابع الميلادي، أنماطاً ثابثة لا يجوز الخروج عنها إلا أن تقوم الساعة، و طبقوا مبدأ الاستقراء على العلوم الانسانية و على الانسان. واعتبروا ماقاله الصحابة ( رضوان الله عليهم أجمعين ) في القرن الأول الهجري، أطراً مطلقة يجب أن يلتزم بها الفقه و لا يحيد عنها عيناً إلى أن تقوم الساعة.

Pour être informé des derniers articles, inscrivez vous :
Commenter cet article