اجتهادات النبي ص التي مارسها وفق السلطة التشريعية التي كانت بين يديه لا تحمل الطابع الأبدي

Publié le par just muslim

من كتاب دين والسلطة محمد شحرور ص376
أما التعدي على حاكمية الله و مخالفة ميثاق الله فقد حصل بشكل واسع في الفقه الإسلامي منذ تأسيسه حتى يومنا هذا. ففي الدولة العربية الإسلامية بعد وفاة الرسول تمّ تبني التشريع على أساس فهم آيات التنزيل و العلاقات التي أسسها الرسول في مجتمع المدينة ثم تم القياس عليها فيما بعد حيث اعتبرت نواهي النبي واجتهاداته محرمات، كنهيه (ص) عن سفر المرأة بدون محرم فجعلوا هذا النهي حراماً، أي أعطوه المعنى الشمولي الأبدي، وقس على كل النواهي النبوية الأخرى وكل الاجتهادات التي قام فيها بتقيد الحلال و إطلاقه، فتمّ ضمها إلى محرمات الله، وفي هذا تعدِّ على حاكمية الله بشكل كامل .
وقد جاء هذا التعدي في أمور كثير تخص الحياة اليومية للفرد نذكرها لأهمية الموضوع وخطورته مثال دلك:
١- سفر المرأة بدون محرم : حديث " لا تسافر امرأة ثلاثة أيام و ليالي إلا مع ذي محرم " هذا حديث نبوي جاء في تنظيم السفر للمرأة في مجتمعه وهو أصلاً حلال، انطلاقاً من ظروف الواقع الذي كان يعيشه بحيث فرض عليها اصطحاب أحد محارمها لمساعدتها على تحمل مشاق السفر الطويل و حمايتها من الاعتداء عليها أياًّ كان شكل هذا الاعتداء. و بمكن تقييده لأنه من حلال و هو من القانون المدني ولا علاقة بالحرام إطلاقاً.
٢- في تنظيم الطلاق..............
٣- في منع زواج المرأة بغير ولي : حديث : لا نكاح إلا بوليّ. و حديث أيّما امرأة نكحت بغير إذن وليّها فنكاحها باطل، فنكاحها باطل، فنكاحها باطل " وحديث : لا تزمج المرأة المرأة، ولا تزوج المرأة نفسها، فإن الزانية هي التي تزوج نفسها" هذا الحديث ينطبق على الوضع القبلي الذي كان يعيشه (ص) و هو اجتهاد إنساني لا يمكن تطبيقه بحرفيته في ما بعده من العصور، و خاصةً في عصرنا، لتغير الظروف و المعطيات بالمجتمعات.
إن الاجتهادات النبوية التي تم ذكرها كثير وغيرها في المنظومة التراثية مثل :
١- حجاب الرأس للمرأة و النقاب.
٢- التصوير- الرسم بأنواعه و خصائصه و خاصةً الكائنات الحية.
٣- النحت-
٤- الموسيقى
٥- الغناء
٦- الخمر" كثيره مسكر إذن قليله محرم "، وتحريم ممارسة التخدير على أهل الأرض .
٧- عمليات التجميل وتنميص الحواجب.
٨- الاختلاط ( غير الخلوة )
٩- صوت المرأة.
كل اجتهادات إنسانية مرحلية وظرفية مارسها النبي (ص) من مقام النبوة وفق السلطة التشريعية التي كانت بين يديه و لا تحمل الطابع الأبدي، وتصبح بذلك كل فتاوى الفقهاء المحرمة للغناء و الموسيقى و الرسم و النحت و التمثيل و الرقص...... استناداً على مرويات نبوية -في حال صحتها-لا تجب فيها الطاعة المتصلة للرسول
( ص) بل ما تجب فيها هي الطاعة المنفصلة له (ص) أي في حياته فقط لأنها تدخل في إطار السنة النبوية وواجبة لمن عاصره من أهل زمانه من أتباعه فقط دون سواهم ممن جاء بعدهم، فإذا كان النهي الإلهي لا يفيد أي تحريم وترك مجال الاجتهاد فيه للجانب الإنساني فالنهي النبوي أولى بأن لا يفيد أي محرم أبدي، لأنه لا يحق حتى للرسول أو النبي التحريم بدل الله لأنه من اختصاصه عزوجل و يدخل في إطار حاكميته التي لا يشارك فيها أحد مهما علا مقامه. فهده الاجتهادات هي بمثابة القانون المدني الذي وضعه لضبط مجتمعه، و لم يقم فيها بأكثر من تقييد الحلال و إطلاقه أو الاجتهاد في المنهيات، و لا يجب الالتزام بها لمن أتى بعده. لأن من حق كل مجتمع أن يضع القانون المدني الذي يساعده على تنظيم حياة أفراده، بحيث تقوم البرلمانات، أي المجالس التشريعية، بوضع هذا القانون الظرفي المرحلي الذي تغييره و تعديله حسب متطلبات المجتمع. لكن الفقهاء جعلوا اجتهاداته (ص) شمولية وأضافوها إلى المحرمات، و على رأسهم الفقهاء الخمسة، أي أن الفقهاء الذين كانوا ومازالوا يمثلون المنظومة الحقوقية التشريعية لنظام تشريعي تأسس في القرن السابع الميلادي و استمرحتى ذروتها في العصر العباسي، ثم جعلوا من هذا الفقه وحياً إلهياً يتبع حتى يومنا هذا بأصوله و فروعه. لذا ليس من الغريب أن يقول مفتي الديار المصرية ٢٠١٠م إنه يوجد في فقه الإسلامي مليون ومئتي ألف مسألة فقهية، علماً أن المحرمات عبارة عن (١٤) محرماً فقط، لكنهم أضافوا إليها المئات إن نقل الألاف من المحرمات، مع أن هذا الفقه متجاوز زمناً و مكاناً و خاصةً معرفيا بفضل تطور المستوى المعرفي للإنسان ولا يمكن له أن يعبّر حقيقةً عن احتياجات الناس في القرن الواحد العشرين. علماً أن عدد الدول الآن يفوق ١٩٠ دولة، فكيف يمكن للمنظومة التراثية التاريخية أن تستوعب بتشريعاتها المتغيرات التي حصلت في العالم من تاريخ وضع الفقه و أصوله ؟ و كيف لها تساير التطور المعرفي والسياسي الذي يعرفه العالم؟

Pour être informé des derniers articles, inscrivez vous :
Commenter cet article