. أسوأ أنواع الولاء و البراء هو الذي وجد في الحركات الدينية السياسية(محمد شحرور)

Publié le par just muslim

و من أسوأ أنواع الولاءات عندما تضيق دائرة الولاء الأممي المنفتح في الأصل على الولاءات الأخرى ليتحول إلى تعصب مذهبي و سياسي كما نراه عند الإخوان المسلمين لدى مذهب السنة وعند حزب الله لدى الشيعة حيث يظهر عندهم التعصب المذهبي و السياسي على أشده. فهذا الولاء لا ينتج عنه - إن وصل إلى السلطة - إلا دولة إقصائية استبدادية بامتياز. و قد عرف التاريخ هذا النوع من الولاء الاستئصالي البحت مجسداً في النازية الألمانية على عهد الهتلرية النازية، و الشيوعية الماركسية التي ركب السلطة فيها أشخاصاً باسم طبقة العمال و الفلاحين، و لكن عملياً أصبحوا الأغنياء الجدد. بالإضافة إلى ذلك نجد الولاء المذهبي هو الأساس الذي انبنت عليه الدول الإسلامية عبر تريخها، و كتب التاريخ تشهد بما عاناه الآخر المخالف فكريا وسياسيا لمن كان يملك في يده زمام السلطة. فالولاء المذهبي السياسي المتعصب مهما كان نوعه يقوم على أساس أن تحل طبقة مكان أخرى في الامتيازات، ولا علاقة لشعار المساواة بذلك. فكل الحركات التي سمت نفسها ثورية في القرن العشرين، و التي تسمي نفسها إسْلاموية في القرن الحالي ليس هدفها المساواة إطلاقاً، و إن كان هناك مساواة فعلاً فهي المساواة بين المخالفين جميعا في الإضطهاد، لأن هدفها الوصول إلى السلطة والتمسك بها بأي طريقة، وانطلاقا من ذلك نجدها بالضرورة استبدادية بامتياز. لذا فإننا نرى أن أسوأ أنواع الولاء و البراء هو الذي وجد في الحركات الدينية السياسية، و في الحركات الطبقية التي تسمي نفسها ثورية،لأنها تشترك في صفة أساسية، هي إدعاء تمثيل الناس بالقوة رغم أنوفهم حيث تعرض الوصاية عليهم باسم الشرعية الثورية أو باسم الشرعية الدينية ( أيديولوجية الحاكمية )، و هي بطبيعتها تبني إيديولوجيتها على الطغيان مهما كان نوعها، لهذا فإن الولاء الديني عندما تحول إلى ولاء مذهبي أو حزبي يصبغ بصبغة التعصب ويفقد المعنى الحقيقي له، لأن الولاء الديني في حقيقته قناعة فردية تنبني على علاقة شخصية بين الإنسان و ربه، ولا يجب أن يحمل أبداً طابع التعصب كما لا يجب أن تكون له علاقة بالسياسة و السلطة حتى لاتعمّ الفوضى في الدولة، لأن مفهوم الدين كما عرفناه مفهوم لا يجب أن يخضع أبداً لحسابات متصلة بالصراع على السلطة. و عليه يجب أن نقول إنّ بإبعاد مفهوم الولاء الديني عن السلطة يمكن أن تتحقق الدولة المدنية الديمقراطية الليبرالية أي دولة المواطنة .
كتاب دين والسلطة ص 413

Pour être informé des derniers articles, inscrivez vous :
Commenter cet article